لذة الألم...
الحمد الله وكفى والصلاة والسلام على عبده الذي اصطفى، ثم أما بعد:
فلعل الواقع الذي نعيش ،هو أهم ما نكتب ،فلو كانت كتاباتنا خارج الواقع الحياتي اليومي لكانت كلمات فارهة مهما كان وزنها ومدلولها.
ولهذا أردت أن أكتب كلمات واقعية حقيقية تفيد الكاتب وتدل القارئ للمقصود وتفضي الى ما أريد ...والله من وراء قصد ..والألم موضوع المقال ولذته غاية المقصود...
إخوتي في الله ...
إن مما لا شك فيه أن نعم الله علينا كثيرة وفيرة وتأتي نعمه وفضائله بصور شتى فتكون منحة في شكل محنة كآلام القتل والقتال بعدها يكمن النصر .. ومعلوم لكل ذي لبّ أن الإبتلاء يلد التمكين ولولا الجراح لما كان الشفاء ..وبعد المخاض وأحواله تكون الولادة وفرحتها ..
وقد يكفر الإنسان ببعض هذه النعم جاهلا أو غافلا أومفتونا ..قال تعالى :"وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "._إبراهيم 34_. فللألم وجهان وقد اعتدنا _لقصر نظرنا _ أن لا نرى إلا وجها واحدا منه وهو جانب الشقاء والعذاب ..وإليك نظرتي ...
إن من المعلوم أن الله تعالى خالق كل شيء ..والألم لا شك من هذه الأشياء والله عز وجل حكيم خبير ..ومن مقتضى حكمته أن لا يخلق شيئا عبثا _هكذا_ دون نفع يرجى أو مصلحة تحصل ..
إذا فمن المؤكد أنه ثمة حكمة ومنفعة من ورائه علمها من علمها وجهلها من جهلها ...وفي هذا المقام...
سأذكر بعضا من فوائد الألم الكثيرة فما لا يدرك كله لا يترك جله...
1_ إن الألم ابتلاء والإبتلاء مع الصبر نعمة تستوجب الشكر ..أو ليس _كما في الحديث_ أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ؟!!
فالألم يصهر معدن المسلم فتصفو روحه ويزكو خلقه وتطهر نفسه ..فألم الإبتلاء سبيل الى لذة التقوى ونعيم القرب من الله ..وهل برق الذهب إلا لما ذاق آلام النار!!!؟؟
2_إن الألم قرين الإحساس والإحساس آية الحياة والوجود ولا يمكن تصور حياة خالية من الإحساس والمشاعر (فأنا أتألم ..إذا أنا موجود )..
وليت شعري أيعلم ماله في الموت بعد الحياة !!؟ وقد خلق الله عز وجل الإنسان في كبد ونصب قال تعالى :" ولقد خلقنا الإنسان في كبد " _البلد 4_
3_إن الآلام تقوي العزيمة والإرادة وتثبت دعائم الرجولة المرجوة فيكتسب المسلم حصانة من آلام الحياة ويستمد من مقاومتها قوة وصلابة يستطيع بها مواجهة الأزمات والصعوبات الحياتية والظروف القاسية بكل أشكالها النفسية العاطفية أو الجسدية الحسية ..فألم الندم على المعصية يقود الى لذة الطاعة ..وألم الإخفاق يبصر صاحبه بطريق النجاح ..وألم القهر والتسلط يدفع صاحبه الى البحث عن طريق الحرية والسيادة.
هذا والله تعالى أعلم وأحكم .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..اللهم آميين ..