قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله:
ومما يدلُ على أن أهل الحديث هم على الحقّ أنك
لو طالعتَ جميع كتبهم المصنفة من أولهم الى آخرهم ، قديمهم وحديثهم مع
اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم
قطرا من الأقطار، وجدتَهم في بيان الاعتقاد
على وتيرةٍ واحدةٍ ونمطٍ واحدٍ، يجْرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا
يميلون فيها، قولهم في ذلك واحدٌ ونقلهم واحدٌ،لا ترى بينهم اختلافا ولا
تفرّقا في شيء ما وإن قلّ، بل لو جمعت جميع ما
جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلب واحد وجرى على
لسان واحد، وهل على الحق دليل أبيّن من هذا؟
قال الله تعالى: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً }. وقال تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا }.
وأما إذا نظرتَ الى أهل الأهواء والبدع رأيتَهم متفرقين مختلفين أو شِيعاً وأحزاباً؛ لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدةٍ في الاعتقاد، يبدّع بعضهم بعضا، بل يَرتَقون الى التكفير، يكفر الابن أباه، والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبداً في تنازعٍ وتباغضٍ واختلافٍ، تنقضي أعمارهم ولم تتّفق كلماتُهم { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ }.
الحجة لقوام السنة 2 / 225 [/size]