بسـم الله الرَّحـمنِ الرَّحـيمْ
توأم الروح........................الشاعر النعيمي طارق دغيم
ما دامَ يقفو دربَها الإنشاءُ
فلهُ العلا ما دامتِ العلياءُ
ولِكُلِّ حرفٍ في هواها مجلِسٌ
يعيى على إدراكِهِ البلغَاءُ
وأجدُّ في طلبِ البيانِ لرسمِها
فيحُدُّني لجلالِها الإعياءُ
وأفتِّشُ الآثارَ عن سرِّ الحِجا
فأقولُ ما قد قالتِ الحكماءُ
إنَّ البيانَ إذا تقاطرَ شهدُه
فأجلُّ ما في وصفهِ الإخفاءُ
كالنّورِ يعظُمُ في العيونِ ضياؤُه
بغيابِهِ فتُقَدَّسُ الأضواءُ
ورحلتُ أقتصِدُ الذين عُيُوا بِها
ولعلَّ في أهلِ الغرامِ عزاءُ
وسألتُهم عنها فكانَ جوابُهم
وكأنَّها شمسٌ علَت وسناءُ
أو أنّها العينُ التي نظرُوا بها
فلها بِكُلِّ مُنظّرٍ أسماءُ
هيَ ذلكَ القلبُ الذي يسَعُ الورى
خَلُصَت إلى أعماقِهِ النُّدماءُ
وبه التقوا مهما تفرّقَ شملُهم
وكأنّهُم نبضٌ بهِ ودماءُ
لا تسألوا عنهم فجهلُكُمُ بهِم
جهلٌ تجاوزَ حدّه و غباءُ
هل تُسألُ الرّوضاتُ عن أزهارِها
أم تُسألُ الأفلاك ما الجوزاءُ ؟
فدِمَشقُ أوَّلُها ويا نِعمَ البِدا
والقدسُ ثانيها بنِعْمَ سواءُ
بالتينِ والزيتونِ كانَ بدايةً
من ربِّنا أزليَّةٌ وسناءُ
من قبلِ خلْقِ الخلقِ كان لزامُها
قسَمَ الإلهِ فما لها إقصاءُ
يا قُدسُ يا طُهرَ الطهارةِكُلِّها
يا من لها قد حجّتِ العظماءُ
يكفيكِ قُدساً فاقَ كلَّ قداسةٍ
منكِ العُروجُ ونحوكِ الإسراءُ
تنأيْنَ أنتِ فكلُّنا صوتُ الفِدا
وإذا غضبْتِ فكلُّنا أدواءُ
ودِمَشقُ إن مسّت ترابَكِ غدرةٌ
هاجَتْ وليسَ بطبعِها الهوجاءُ
كالأمِّ إن بُلِيَت بِبُعدِ رضيعِها
فترى كأنَّ سكونَها الضّوضاءُ
وترى الدُّموعَ بها كمثلِ لبانها
زيتٌ على نارِ الوغى وشقاءُ
مهما علَت في القدس راياتُ الدُّجى
فدمشق فيها الطّارقُ الوضّاءُ
هي رَوحُها لمّا تئِنُّ وتشتكي
وإذا تزِلُّ ففي الشّآمِ حِراءُ
ولَئِن قضى فيها صلاحُ مخلّداً
فبهِ قلوبُ قلوبِنا أحياءُ
وإذا دهى أقصاكِ أيُّ رذيلةٍ
فكأنّما الأمـويُّ كان يساء
يا قدسُ صبراً ليسَ يُنفِذهُ الونى
قولُ الرسولِ فما يضيرُ بلاءُ
لا تحزَني ودِمشقُ عِندَكِ ملجأٌ
لو باعَكِ الأخدانُ والسُّفَهاءُ
لن تُهزَمي وبنا فؤادٌ خافِقٌ
مهما بغى في أرضِك الأعداءُ
والجُرحُ جُرحُكِ من دِمانا آخِذٌ
ونُفوسُنا لكِ ذمَّةٌ و وفاءُ
يا قبلةَ الصحبِ الكرامِ سلامةٌ
لكِ ليسَ تغشاها يدٌ شلّاءُ
هذي دِمشقُ وفاؤها بدمائِها
يجري فكلُّ قطيرةٍ عُرَفاءُ
هذي دِمشقُ وليسَ تنسى عهدَها
ولَئِن ذرَت أبناءَها الآباءُ
كتبها
المعتز بالله والفقير لمولاه: طـارق حسـين دُغـيم
جرجناز :12/4/2009م
16 ربيع الثاني 1430هـ